أخبار
وزير خارجيّة اليمن لـ"قنا": القمّة العربيّة ستكون على مستوى التحدّيات في المنطقة
الدوحةفي 21 مارس

أعرب سعادة الدكتور أبوبكر القربي وزيرخارجيّة الجمهوريّة اليمنيّة عن عتقاده بأن القمّة العربيّة المُقرّر انعقادها في الدوحة هذا الشهر ستكون على مُستوى التحدّيات التي تواجه المنطقة، نظرا ًللتطوّرات المُتلاحقة التي تشهدها، بما يُساعد في النهاية على مواجهة مختلف هذه التحدّيات والمُشكلات وضع الحلول الناجعة لها.

 

وقال الدكتور القربي في حديث لوكالة الأنباء القطرية "قنا" "إن استحقاقات المرحلة الحالية التى تشهدها منطقتنا العربيّة تفرض علينا الإسراع فى العمل من أجل صياغة استراتيجية عربيّة يكون من أهمّ أولوياتها تعزيز العمل العربي المُشترك، بما يمكن من مواجهة التحدّيات والأزمات ويمنع التدخل الخارجي في الشأن العربي والاعتماد على آليات عمل لحلّ الخلافات والصراعات،إضافة إلى تطوير العلاقات البينيّة ومجالات التعاون المُشترك بما يخدم مصلحة الشعوب والأوطان العربيّة ويُحقق الازدهار لها ويُحافظ على أمنها واستقرارها".

 

وأضاف قائلاً "لكي يحدث ذلك لابدّ من توفر إرادة سياسيّة حقيقيّة لدى الأنظمة العربيّة تتغلب بها على الخلافات والصعوبات التي قد تقف أمام تحقيق ذلك وعند توفر هذه الإرادة يجب أن توفر لها آليات العمل والبرامج المناسبة لتحقيق ذلك والتي ستسهم في ترجمة هذه الإرداة السياسية على أرض الواقع وبشكل مؤسّسي وممنهج".

وأوضح أن ما تعرّضت له المنطقة العربيّة من موجات تغيير أصبحت تعرف بالربيع العربي ألقت بظلالها، ليس على الدولة التي شهدت هذا التغيير فحسب، وإنما على المنطقة بأكملها، بما يستلزم وجود رؤية مشتركة لآلية التعاون العربي المستقبلي، وبما يسهم في الاستفادة من الأحداث واستباقها من خلال تحقيق تنمية مُستدامة والمُشاركة الشعبيّة التي تسهم في تعزيز أمن واستقرار المنطقة وتلبّي تطلعات شعوبها.

 

وردّاً على سؤال حول ما تمرّ به المنطقة العربيّة من مشاكل وخلافات داخلية وبينيّة وإلى أي مدى يتطلب ذلك توافقاً وتوازناً حتى بين مُكوّنات البلد الواحد للتصدّي للتحدّيات المُستقبليّة المُحتملة والمماثلة. قال القربي "مما لاشكّ فيه أن استقرار الدول سياسيّاً وأمنيّاً يعتمد على مدى تمثيل الحكومات لإرادة شعوبها من خلال صياغة عقد اجتماعي يضمن للشعوب الحريّة والعدالة والرفاهيّة، ولعلّ التجارب والتاريخ أثبت حقيقة هذا الأمر، فالانقسام في داخل الدولة الواحدة هو نتيجة غياب العدالة والديمقراطيّة، ممّا يُؤدّي إلى عدم الاستقرار والحراك السياسي الذي يُؤدّي إلى الانقسام في المجتمع ويقود إلى إضعاف الدولة ويحدّ من قدرتها على المضي بمشاريع التنمية ويستهلك مواردها في قضايا ثانويّة تحيد الاهتمام عن أهمّ القضايا وتوحيد نحو إدارة الأزمات بالصراعات".

وحول أولويّة القضايا التي ستناقشها وتبحثها القمّة سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وغيرها وهل استضافة قطر لهذه القمّة ورئاستها لها في المرحلة المقبلة كفيلة بالتوصّل لما تصبو إليه الأمّة، قال القربي إن من أهمّ الأولويات التي يجب أن تناقشها القمّة هي صياغة رؤية مستقبليّة عربيّة مُشتركة حول أهمّ القضايا التي يُواجهها عالمنا العربي والعمل على تنسيق المواقف أمامها وأمام المتغيّرات والأحداث الدوليّة وتعزيز التعاون والعمل العربي المُشترك من خلال توفر إرادة سياسيّة حقيقيّة وآليات مناسبة تترجم هذه السياسة وبما يمكن من فتح كافة المجالات لتعاون أوسع وفاعل وبما يعود خيره على الأمّة العربيّة.

 

وأعرب عن أمله أن يُشكل انعقاد هذه القمّة في الدوحة أمراً إيجابياً وفاعلاً بغية تحقيق الأهداف المنشودة، مع الأخذ في الاعتبار العديد من المُبادرات العربيّة لتطوير العمل العربي المُشترك، حتى نتمكن من مُواكبة التغييرات التي حولنا ونصل إلى مستوى أداء المنظمات الإقليميّة الأخرى.

 

خطورة الانقسام الفلسطيني وغياب العمل العربي الموحّد الذي أسهم في إضعاف الموقف الفلسطيني

 

وحول عملية السلام في الشرق الأوسط وما المطلوب لإطلاق المفاوضات من جديد وما هي الأسس التي يجب أن تقوم وترتكز عليها، قال وزير الخارجيّة اليمني في حديثه لوكالة الأنباء القطريّة "قنا" إنه قبل الدعوة إلى إطلاق مفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يجب إدراك خطورة الانقسام الفلسطيني وغياب العمل العربي الموحّد الذي أسهم في إضعاف الموقف الفلسطيني، مؤكداً أهميّة العمل على إنهاء هذا الأمر وبما يعزز من قدرة القيادة الفلسطينيّة لمُواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

 

وأضاف أنه لكي تنطلق دورة جديدة من المفاوضات بين الطرفين، فلابدّ من أن يقدّم الجانب الإسرائيلي الضمانات الكافية بما يمكن من تجاوز أزمة الثقة التي تولدت بسبب تعنّته واستمراره في فرض سياسة الأمر الواقع، كما لابدّ أن يلعب المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية دوراً إيجابياً في الضغط على إسرائيل لكي تتحمّل مسؤولياتها كدولة احتلال، وبما يمكن من جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات التى يجب أن يوضع لها سقف زمني مُحدّد، لأنه ليس من المعقول أن تظلّ القضية الفلسطينيّة مرهونة بنتائج مُفاوضات لا سقف زمني لها،مُوضحاً أن ما يزيد الأمر تعقيداً هوعدم وجود مُفاوض جاد ومسؤول يسعى إلى إنهاء الاحتلال وتحمّل مسؤولياته أمام القانون الدولي.

 

وفيما يتعلق بمبادرة السلام العربيّة وإلى أي مدى ستظلّ مطروحة أمام إسرائيل التي لا تهتم بها بل تطالب بمزيد من التنازلات العربيّة، قال إن التعنت الإسرائيلي وركونه إلى استخدام القوّة وسياسة الأمر الواقع يسهم بشكل كبير في القضاء على كل سبل التسوية السياسيّة ومنها المبادرة العربيّة، الأمر الذي تتحمّل مسؤوليته إسرائيل بالدرجة الأولى والمجتمع الدولي الذي لم يتمكن من ممارسة الضغط الكافي على الحكومة الإسرائيليّة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المعنيّة بإنهاء الاحتلال وبما يفضي إلى تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.

 

وأكّد أن التسوية السلميّة المُتمثلة في المبادرة العربيّة والمفاوضات لن تظلا مطروحة لاسيّما إذا ظلّ الوضع على ما هو عليه من تعنت إسرائيلي ومحاولتها لتغيير الواقع على الأرض واستمراراً لمعاناة الشعب الفلسطيني، فيُصبح من الطبيعي والمنطقي أن يتمّ اعتماد وسائل تمكن من تحقيق ما لم تحققه المفاوضات وعلى رأسها المقاومة المشروعة.

وحول تقييمه لموضوع قبول فلسطين دولة غير عضو ومراقب بالأمم المتحدة ومن قبلها دولة كاملة العضوية بمنطقة اليونسكو ومامدى تأثير ذلك في تسريع عملية السلام. قال إن هذا الأمر يعكس بشكل ليس فيه شكّ وقوف دول العالم مع القضيّة الفلسطينيّة التي طال أمدها

وأوضح أنه رغم تحيّز بعض القوى العظمى لإسرائيل، إلا أن منطق الحق والعدل لابدّ أن يجد له من نصير لاسيّما وأن القضيّة الفلسطينيّة قضيّة عادلة، أما فيما يخصّ تأثير ذلك على عملية السلام، فإنه في اعتقادي أن مثل هذه المواقف الدولية تشكل ضغطاً إضافياً على إسرائيل ولو على المدى البعيد، كما أنها تعرّي السياسة الإسرائيليّة التي تحاول أن تظهر بمظهر الضحيّة دائماً، وهي أيضاً تسهم في حشد الدعم الدولي للقضيّة الفلسطينيّة وتعتبر نصراً دبلوماسيّاً لها لأنها تضع الأرض الفلسطينيّة تحت الاحتلال وبالتالي في حق الشعب الفلسطيني للانضمام إلى العديد من المنظمات الدوليّة ومُحاكمة إسرائيل على جرائمها.

 

وفيما يتعلق برؤيته لحلّ الدولتين في ظلّ مواقف الحكومات الإسرائيليّة المُتشدّدة، أعرب عن اعتقاده بأن حلّ الدولتين يمكن تحقيقه إذا التزمت إسرائيل به، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك، فإسرائيل حتى الآن مازالت تماطل من أجل تحقيق ذلك وهو ما يتضح من خلال أعمالها وتصريحات مسؤوليها

 

وشدّد على أن التسوية السياسيّة وحلّ الدولتين يظلّ الطريق الأمثل لإنهاء الصراع القائم والاحتلال الإسرائيلي، وبما يجنب المنطقة والعالم نذور حرب لن يحمد عقباها، إلا أنه في المقابل لابدّ من التذكير والتأكيد على أنه في حال استمر التعنت الإسرائيلي ورفضه الركون إلى الحلّ السلمي، فإن ذلك يزيد من فرص المُواجهة ويُقلل بدون شكّ من فرص تحقيق السلام، ولذلك على المجتمع الدولي أن يُدرك أهمية ممارسة الضغط الكافي على إسرائيل حتى تنفذ التزامتها وتنهي الاحتلال.

 

وردّاً على سؤال حول الانتقادات التي توجّه للجامعة العربيّة وما هو المطلوب لإصلاحها، قال وزير الخارجيّة اليمني في حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إنه من أجل أن تواكب الجامعة العربيّة مُستجدات الأوضاع على الساحة العربيّة والدوليّة، فإنه لابدّ من تطوير آليات عملها وتفعيل أجهزتها، وكذلك الاتفاقات العديدة، ولكن في المقابل لابدّ من القول بأن عملية الإصلاح لا تتمّ في ليلة وضحاها، بل تتطلب استمرارية ومواصلة للجهود، وهذا لن يتأتى إلا بتوفر الإرادة السياسيّة للدول الأعضاء وعبر تنفيذ التزامتها كي تتمكن الجامعة من الاضطلاع بمهامها بشكل كامل وفعّال وبما يحقق تطلعات الشعوب العربيّة ويحمي مصالحها.

 

وحول رؤيته للعلاقات الإيرانيّة - العربيّة وما هو مطلوب لتجاوز هذه العلاقات والعيش في جوار آمن بين الطرفين، قال إن الواقع الجغرافي والتاريخي يفرض علينا كعرب وعلى إيران أيضاً التعايش السلمي وبما يحفظ للدول أمنها واستقرارها وعدم التدخل في شؤونها، مُؤكداً أنه بإمكان إيران أن تلعب دوراً إيجابيّاً إذا ما انتهجت السياسة السلميّة تجاه بقيّة دول الجوار وبما يحقق مبدأ الاحترام المُتبادل لسيادة الدول.

 

ورأى أن الواقع الجغرافي والتاريخي لإيران والدول العربيّة يجعل من إمكانيّة تجاهل طرف للآخر أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، مما يستلزم معه رؤية جادة ومسؤولة في أهميّة تبنّي سياسات تخدم المصالح المُشتركة وتعمل على بناء الثقة ومُواجهة التحدّيات الحقيقيّة في المنطقة.

 

وردّاً على سؤال حول إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وضرورة أن تضمّ إسرائيل لمعاهدات حظر السلاح النووي وتوقع عليها، قال إن خصوصيّة المنطقة يفرض إخلائها من أسلحة الدمار الشامل، ويُعدّ مطلباً عادلاً لدولها طلباً لتعزيز السلم والأمن الدوليين، إلا أنه وللأسف فإن هذا الأمر لن يتحقق بسبب الموقف الإسرائيلي الرافض للإنضمام لمُعاهدة حظر الأسلحة النووية، وهو ما يمثل دافعاً قوياً لدى بقيّة دول المنطقة في أن تمتلك نفس السلاح، لاسيّما وأن إسرائيل مازالت دولة احتلال وطموحات في التوسّع ولم تبد أي تعاون تجاه التسوية السياسيّة وتحقيق السلام العادل والشامل، وعليه فإنه لابدّ من جعل المنطقة خالية من أسلحه الدمار الشامل دون تمييز بين دولة وآخرى وإتاحة الفرصة لجميع دول المنطقة للحصول على التكنولوجيا المتطوّرة للأغراض السلميّة.

 

غياب الموقف العربي الموحّد صعب من مواجهة التحدّيات الأمنيّة التي تواجهها المنطقة

 

وحول التهديدات الأمنية التي تواجه المنطقة العربيّة في ظلّ الأوضاع الإقليميّة والدوليّة غير المُستقرّة حالياً وكيف لنا كعرب أن نواجه هذه المخاطر، قال القربي إننا لن نستطيع كعرب أن نواجه أي تحدّي مُشترك إلا بتوحيد الصفّ وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المُشترك وإيجاد استراتيجية مُشتركة تهدف إلى الدفاع عن المصالح المُشتركة وحماية أمن واستقرار دول المنطقة.

 

وأوضح أن غياب الموقف العربي الموحّد صعب من مواجهة التحدّيات الأمنيّة التي تواجهها المنطقة، لاسيّما في عدد من دولها، وقال إن عدم استقرار أي دولة في المنطقة لن ينحصر فيها فقط، بل سيمتدّ أثره إلى بقيّة دول الجوار وسيُهدّد الأمن والسلم العالميين، وذلك للموقع الاستراتيجي التي تحتله منطقتنا في العالم ولكونها تعتبر المصدر الرئيسي للنفط وفيها أكبر احتياطي للنفط والغاز العالمي، كما أنها تتحكم بأهم الممرّات المائيّة، حيث يمرّ عبرها 70% من التجارة العالميّة، وكل هذه أمور تؤكد على أهميّة التعاون البيني والإقليمي والدولي من أجل تعزيز الاستقرار في المنطقة وبما يضمن مصلحة الدول العربيّة وشعوبها.

 

وحول القمّة العربيّة الاقتصاديّة التنمويّة التي عقدت مؤخراً في الرياض وما هي أبرز ما خرجت به لصالح المواطن العربي وتعزيز العمل المُشترك في المجال الاقتصادي، قال إن انعقاد القمّة العربيّة الاقتصاديّة التنمويّة أسس لمرحلة جديدة للعمل الاقتصادي العربي المُشترك لاسيّما في مجال الاستثمار الذي أكد عليه مشروع الاتفاقيّة المُوحّدة في صيغتها المُعدّلة بشأن الاستثمارات العربيّة في الدول الأعضاء والسعي نحو إزالة المعوقات التي تعترضها، كما شمل إعلان الرياض المُنبثق عن القمّة عدداً من القضايا الهامة كالاستراتيجية العربيّة لاستخدامات الطاقة المُتجدّدة حتى عام 2030 كخطة مُستقبلية بعيدة النظر والأهداف التنمويّة الألفيّة والبورصة العربيّة المُشتركة، مُعرباً عن أمله أن تترجم المخرجات وتتحقق الفائدة المنشودة بما يخدم مصلحة شعوب ودول المنطقة.

 

دعم التحوّل السلمي في اليمن كنموذج يُحتذى في المنطقة والعالم

 

وحول الشأن اليمني والملفات التي سيحرص على طرحها خلال القمّة العربيّة بالدوحة، قال الدكتور القربي في حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إننا في اليمن انتقلنا إلى المرحلة الثانية من المرحلة الانتقاليّة التي بدأت بموجب الاتفاق السياسي الذي تمّ بين الأطراف اليمنيّة عبر التوقيع على المبادرة الخليجيّة وآليتها التنفيذيّة المُزمنة في 23 نوفمبر2011.

 

وأضاف أنه بالنظر لما شهدته المنطقة ومازالت تشهده من موجات عنف وعدم استقرار أمني وسياسي واقتصادي، فإننا في اليمن نستطيع أن نقول بأننا قد خطونا خطوات فعّالة في سبيل تحقيق التسوية السياسيّة في إطار توافقي ووطني وبما يحقق مُتطلبات المرحلة الراهنة، كما أننا نتطلع للمرحلة القادمة بكل ثقة وأمل وتصميم لاسيّما مسألة الحوار الوطني الشامل الذي أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي على أهمّيته لرسم طريق المستقبل لليمن وعلى التمسّك بكافة الالتزامات في تنفيذ ما تبقى من خطوات المبادرة الخليجيّة وإنهاء هذه المرحلة بالصورة التي تعزّز ثقة المانحين والمجتمع الدولي بإدارة اليمنيين للانتقال باليمن إلى عهد جديد تحفظ وحدته وأمنه واستقراره وبما يحقق للشعب اليمني تطلعاته في إحداث تغيير حقيقي يسهم في تطوير الأوضاع على كافة الأصعدة لاسيّما الاقتصادي والتنموي منها.

 

وفيما يتعلق بتقييمه للأوضاع في اليمن الآن، قال "إننا في اليمن نرى أنه بالرغم من التحدّيات العديدة التي تواجه بلادنا فقد تمكنا وبمساعدة الأشقاء والأصدقاء من تحقيق التغيير من خلال التوافق وبعيداً عن العنف وبطريقة ديمقراطيّة لنقل السلطة، ونحن الآن على أبواب تدشين مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يُعتبر البداية الحقيقيّة للولوج إلى عملية البناء السياسي الجديد".

 

وشدّد على أن التحدّيات الراهنة التي تواجه بلادنا تستلزم معها استمرار تعاون الأشقاء والأصدقاء من أجل استكمال المرحلة الانتقاليّة، وهو ما انعكس مؤخراً في اجتماع أصدقاء اليمن الذي عقد في لندن والذي تمّ التأكيد فيه على أهمّية دعم التحوّل السلمي في اليمن كنموذج يُحتذى في المنطقة والعالم وأهمّية وصوله عبر الحوار إلى النهايات المنشودة

 

وأشار إلى التحضيرات الجارية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المُقرّر إجراؤها في فبراير 2014،حيث تمّ تشكيل اللجنة العليا للانتخابات في 29 نوفمبر2012، وباشرت اللجنة أعمالها لإعداد السجلّ الانتخابي من أجل ضمان انتخابات رئاسيّة وبرلمانيّة مُنظمة وفقاً للجدول الزمني للعمليّة الانتقاليّة، كما أحال الرئيس اليمني إلى مجلس النواب مشروع قانون المُصالحة والعدالة الانتقاليّة الهادف إلى مُعالجة الجرائم والأضرار التي حصلت عام 2011 وتعويض الضحايا من أجل المضي باليمن إلى الأمام.

 

وردّاً على سؤال آخر حول أبرز الصعوبات التي تواجه اليمن في القضاء على أركان النظام السابق، قال إننا في اليمن وبعد قبول كافة الأطراف التوقيع على التسوية السياسيّة المُتمثلة في المبادرة الخليجيّة وآليتها المُزمنة، أصبح الجميع جزءاً من هذا الاتفاق السياسي، مُوضحاً أن جميع الأطراف كانت من قبل شريكة في الحكم لفترات عدّة سواء كان في المعارضة أو الحزب الحاكم، وبالتالي لا يمكن تخلي أي طرف عمّا وصلت إليه اليمن في السابق، مؤكداً على أهمّية ألا يتمّ عرقلة المرحلة الانتقاليّة من قبل أي طرف سواء من الداخل إلى الخارج.

 

وأعرب عن اعتقاده بأن من أهمّ التحدّيات التي تواجهها بلاده حالياً تتمثل في الحاجة إلى مزيد من تهيئة الأجواء اللازمة لمؤتمر الحوار الوطني من خلال ضمان المُشاركة الكاملة في أعماله وتهدئة إعلام التحريض والإساءة الآن مع توفير الضرورات اللوجستيّة له الفترة الزمنيّة المُتبقيّة للعمليّة السياسيّة لا تتجاوز العام لإنهائها.

 

وأوضح أن هناك العديد من القضايا الهامة التي يجب إنجازها خلال هذه الفترة القصيرة ولاسيّما صياغة الدستور والاستفتاء عليه واستكمال التحضير للانتخابات النيابيّة والرئاسيّة في فبراير2014 بما يفرض مُواجهة الأطراف التي تسعى إلى إعاقة وتقويض العمليّة السياسيّة والعودة باليمن إلى المربع الأول ورفض بعض الأطراف المُشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وتبنّي بعضها الدعوة إلى انفصال المحافظات الجنوبيّة والشرقيّة وهو ما يمسّ أحد الثوابت الوطنيّة ويتنافى مع روح المُبادرة الخليجيّة وقراري مجلس الأمن وبالتالي يُعكر صفو الحوار، فضلاً عن التحدّيات الأمنيّة ولاسيّما التهديد الذي يُشكله تنظيم القاعدة الإرهابي والاغتيالات التي حدتث في الفترة الماضية والتي استهدفت شخصيّات أمنيّة وسياسيّة مع تواصل الاعتداءات على أنابيب النفط والغاز، بجانب التهديدات التي يتعرّض لها اليمن ومياهه الإقليميّة وهي من الأمور التي في حال استمرارها قد تسهم في بطء تنفيذ المبادرة الخليجيّة.

 

وبشأن مُشكلة انتشار السلاح في اليمن وكيف يتمّ التعامل مع هذا الأمر، قال وزير الخارجيّة اليمني في حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن السلاح يُعتبر في الثقافة اليمنيّة جزءاً من الشخصيّة الوطنيّة وله علاقة بالعادات والتقاليد ومن خلال النظر إلى الإحصائيّات، فإنه يتبيّن لنا أنه بالرغم من انتشار السلاح يظلّ مُعدّل استخدامه ليس بالمُعدّل العالي، وهو ما يؤكد على أنه ظاهرة اجتماعيّة، ولكن في المُقابل يعكس صورة سيّئة عن اليمن واليمنيين ويُؤدّي إلى الاستعمال السيئ له.

 

وأضاف أننا في اليمن نسعى وعبر سنّ القوانين والتشريعات المُلائمة للحدّ من هذه الظاهرة، مُشيراً إلى أن هذه القضيّة ستكون من ضمن القضايا المطروحة على طاولة الحوار في مؤتمر الحوار الوطني بُغية الخروج برؤية مُوحّدة تجاهها وبما يمكن من ترجمتها على أرض الواقع.

 

وحول الحوار اليمني - اليمني وإلى أين وصل. قال إن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل يُعتبر من أهمّ بنود المرحلة الثانية للمُبادرة الخليجيّة، حيث سيتمّ تدشين الحوار هذا الشهر، وفي هذا الإطار فقد تمّ تشكيل لجنة فنّية وتحضيريّة للحوار وقدّمت كافة الأحزاب والتكتلات السياسيّة قائمة بأسماء مُرشّحيها المُشاركين في الحوار، ومُؤخراً تمّ توزيع هؤلاء المُشاركين إلى تسع مجموعات عمل وتتولى اللجنة التحضيريّة الإشراف على هذا الأمر.

 

وأضاف أن اللجنة الفنّية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل بذلت خلال فترة عملها جهوداً كبيرة للتحضير الأفضل لمؤتمر الحوار الوطني والذي يُعدّ حجر الزاوية بالنسبة للعمليّة الانتقاليّة من أجل ضمان مُشاركة كافة مُكوّنات المجتمع، بما في ذلك الأحزاب السياسيّة والشباب والمُستقلين ومنظمات المجتمع المدني، وتلقت أسماء ممثلي كافة المجموعات المُشاركة في الحوار الذي سيُمثل منتدى مفتوحاً وشفافاً وحرّاً لمناقشة كل القضايا التي تهمّ مستقبل اليمن، بما في ذلك شكل النظام السياسي وتعديل الدستور وقانون الانتخابات والقضيّة الجنوبيّة وقضيّة صعدة، بما يعزز أمن واستقرار ووحدة اليمن ويُقوّي دولة النظام والقانون ويُحقق الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعيّة والتنمية الاقتصاديّة ويرسم ملامح مستقبل اليمن الجديد، مؤكداً أن اليمن سيُقدّم نموذجاً فريداً في تنظيم مؤتمر من هذا النوع لم يسبق له مثيل من حيث الإعداد والتحضير والأمل أن نقدّم نموذجاً أيضاً في تحقيق النتائج التي تلبّي طموحات كل اليمنيين.

 

وأعرب عن أمله أن يسهم الحوار الوطني في تصفية الأجواء عبر طرح كافة القضايا على طاولة الحوار ومُشاركة كافه أطياف المجتمع اليمني في إيجاد حلول لها بالتوافق سواء عبر ما سينتج عنه الحوار من مخرجات، أو عبر الاستفتاء الشعبي العام الذي ستخضع له هذه المخرجات، آملاً أن تسهم نتائج الحوار في تحقيق تطلعات أبناء الشعب اليمني ويُعزز من أمن واستقرار اليمن سياسياً حتى نتمكن من مواجهة بقيه التحديات وفي مقدمتها تلك المتعلقه بالتنمية والأمن.

 

وردّاً على سؤال حول الحوثيين ومطالبهم، أعرب عن اعتقاده بأن قبول الحوثيين الانخراط في مؤتمر الحوار الوطني يعطي فرصة للتسوية السياسيّة وأملنا أن تخرج المناقشات والمباحثات على طاولة الحوار برؤية مُوحّدة حول كيفيّة إدارة الدولة والتأكيد على أهمّية الحفاظ على سيادتها وأمنها ووحدتها.

 

وأكد أنه ليس في مصلحة أحد أن يعمل على شقّ وحدة الصف اليمني الذي ارتهن للحلّ السلمي عبر توقيع كافة الأطراف المعنيّة على الاتفاق السياسي المُتمثل في المبادرة الخليجيّة، وقال إنه وإن بدت لبعض القوى السياسيّة بعض المصالح الضيّقة إلا أنها مصالح آنيّة سُرعان ما سيتبيّن لأصحابها أن مصلحة الوطن العليا هي الأبقى والأثبت، كما أن مناخات الديمقراطيّة والتعدّديّة الحزبيّة التي تتمتع بها بلادنا تسمح لأي حركة أو حزب أو تكتل سياسي بالانضواء فيه وتحقيق الكثيرمما يصبو إليه بما فيه الوصول إلى السلطة عبر الاحتكام إلى صندوق الانتخابات.

 

وردّاً على سؤال حول موضوع الإرهاب والذي يعدّ من أبرز الأخطار التي تواجه اليمن، قال وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي في حديثه لوكالة الأنباء القطرية "قنا" إن الإرهاب أصبح ظاهرة دوليّة لم تعد آثارها محصورة على بلد معيّن، الأمر الذي يستلزم معه تعاوناً إقليميّاً ودوليّاً حتى نتمكن من مواجهته بالطرق والآليات السليمة، وبما يُؤدّي إلى تجفيف بؤره ومنابعه.

 

وأضاف "أننا في اليمن لطالما أكّدنا على أهمّية ألا يقتصر الأمر في مُكافحة الإرهاب على الجانب الأمني والعسكري، رغم أهمّيته بكل تأكيد، ولكن للوصول إلى نتائج مُستدامة فإنه لابدّ من التركيز على كافة الجوانب لاسيّما الاقتصادي والتنموي والتوعوي منها، لأن الإرهاب والفكر المُتطرّف يجد الأرضيّة الخصبة في مناخات الفقر والبطالة والجهل بالدين".

 

وأكد أن هذا يفرض علينا تحمّل المسؤوليّة والإعداد الجيّد لمُواجهة آثار الإرهاب المُدمّرة على كافة المُستويات، داعياً كافة الشركاء إلى أن يتمّ إعطاء الجانب الاقتصادي والتنموي الأهمّية الكافية وبما يعمل على تحسين الحياة المعيشيّة للناس ويخلق فرص عمل للشباب ويُواجه عمليّة استقطابهم من قبل الجماعات المُتطرّفة.

 

وأوضح أن هناك تطوراً في الوعي الدولي حول أهمّية تبنّي مُقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب، ولكن للأسف تأتي العمليات الإرهابيّة التي تخلف وراءها العديد من الضحايا ناهيك عن الخسارة الماديّة للأفراد والدولة لتجعل من المواجهة الأمنيّة والعسكريّة خياراً لامفرّ منه.

 

وحول موضوع التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، قال إن الموقع الاستراتيجي الهام لليمن والأزمة التي مرّت بها جعلتها مطمعاً للتدخل الخارجي الذي قد يجد له من يُسانده داخلياً، ونحن في اليمن وكأي دولة ذات سيادة نرفض أي تدخل في الشأن الداخلي ونعتبر أي تصرّف من هذا النوع يستدعي معه موقفاً حاسماً من قبلنا. وقال إنه يجب علينا كيمنيين أن ننأى بأنفسنا عن الارتباط بأجندات خارجيّة وأن يكون ولاؤنا الأول والأخير لليمن وبما يُحافظ على أمنه واستقراره ووحدته، مُشيراً في هذا الصدد إلى أن السلطات اليمنية استطاعت خلال الفترة الأخيرة أن تضبط عدداً من السفن المُتجهة إليها والمُحمّلة بأسلحة وقد تمّ إحالة كل حالة إلى التحقيق حتى نتمكن من العمل بموجب النتائج ومتابعة الفاعل وملاحقته دولياً.

 

وحول سفينة الأسلحة الإيرانية التي تمّ ضبطها وهي مُتجهة إلى اليمن مؤخراً وماهو موقف صنعاء من هذه الظاهرة، قال القربي "لقد قامت بلادنا بالتعامل مع هذا الأمر بكل مهنيّة، حيث طلبنا تحقيقاً دوليّاً في الحادثة، وبالفعل حضر فريق أممي وقام بالتحقيقات المطلوبة، وهو الآن بصدد إعداد تقرير كامل عن الموضوع"، مُشدّداً على أن محاولة أي دولة التدخل في الشأن اليمني هو أمر مرفوض ويُشكل تهديداً لأمن اليمني القومي ولأمن المنطقة بالكامل وهو ما سيتمّ مواجهته بكل حسم وصرامة.

قنا