أخبار
نظراً لأهميّة الموضوعات المُدرجة على جدول أعمالها.. د.العربي:
قمّة الدوحة ستكون تاريخيّة
» قطر تولي اهتماماً كبيراً للقمّة العربيّة وتعمل على إنجاحها
» الأزمة السورية أكبر مشكلة يُواجهها الضمير الإنساني في العالم كله
» الجامعة يجب أن تتطوّر لتستطيع مواجهة التحدّيات الراهنة في العالم العربي
arab league
•  لست مع مصطلح عملية السلام ويجب تغيير المسار
•  ليس لدينا أي علاقات مباشرة مع النظام السوري منذ عامين تقريباً
•   المراحل الانتقالية تأخذ وقتاً وتمرّ بصعوبات.. والربيع العربي أصعب مرحلة انتقاليّة

أعرب الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، عن ثقته بأن القمّة العربيّة المُقرّر عقدها في الدوحة أواخر الشهر الجاري "ستكون تاريخيّة بكل المقاييس" نظراً للموضوعات شديدة الأهمية التي ستكون مُدرجة على جدول أعمالها، والتي تتطلب قرارات على نفس القدر من الأهميّة حتى تكون الجامعة العربيّة مُواكبة للتحدّيات الجمّة التي تواجهها الأمّة العربيّة خلال المرحلة الحاليّة.

 

وقال الدكتور نبيل العربي في حوار شامل مع وكالة الأنباء القطرية "قنا" بمناسبة انعقاد القمّة في الدوحة، إن على القمّة أن تواجه تحدّيات كثيرة، من أهمّها أن الجامعة العربيّة يجب أن تتطوّر بطريقة ما بحيث تستطيع مُواجهة ما يتطلبه الوضع الحالي في العالم العربي.

 

وأضاف أن من أكبر البنود التي ستكون مطروحة على جدول أعمال القمّة هو كيفيّة مُواجهة هذه التحدّيات، وكذلك سبل تطوير وإصلاح جامعة الدول العربيّة ومنظومة العمل العربي المُشترك.

 

وأوضح أن مداولات القمّة ستقتصر على أهمّ الموضوعات التي تواجه العالم العربي.. مُضيفاً:"لذا لدينا موضوعان أساسيّان مُهمّان جداً وهما: الوضع الخاص بالقضيّة الفلسطينيّة والتي تعتبر قضيّة مُزمنة نشأت منذ نشأة جامعة الدول العربيّة، والوضع في سوريا باعتبارها الأزمة الحادة والحالة التي لم يتوصّل العالم والمجتمع الدولي إلى أسلوب لحلها، لذلك الدراسات قائمة حول هذه الموضوعات التي ذكرتها".

 

وتابع أن هناك موضوعات أخرى هامة مطروحة على القمّة ولكن تمّ الاتفاق مع المسؤولين من الجانب القطري على أن تدرج في "إعلان الدوحة" الذي سيصدر عن القمّة ويتضمّن كل المشاكل الأخرى الهامة.. مُبيّناً:"لكن كما قلت، الموضوعات التي ستناقش بشكل مُستفيض في القمّة هي التحدّيات وتطوير الجامعة لمُواجهة هذه التحدّيات، وموضوعي فلسطين وسوريا".

 

وقال الأمين العام للجامعة العربيّة:"إننا كنا نبحث عن عنوان لهذه القمّة، وهل سيكون مُتعلقاً بالتحديات في العالم العربي، أم يتعلق بالإصلاح والتطوير في العالم العربي، أو نجمع العنوانين في عنوان واحد".

 

وعن رؤيته لقيادة قطر للمرحلة القادمة للعمل العربي المُشترك بعد ترؤسها للقمّة.. قال إن ما شاهده ولمسه من جميع المسؤولين في دولة قطر يؤكد على ما يولونه من اهتمام كبير بعقد هذه القمّة ونجاحها.

 

وأضاف أن الجامعة العربيّة ومنذ أكثر من شهر تقوم بإرسال وفود منها إلى الدوحة لمتابعة إجراءات تنظيم وعقد القمّة مع المسؤولين القطريين.

 

وأعرب عن ثقته بأن قمّة الدوحة العربيّة "ستكون ناجحة"، مُشيراً إلى أن كافة المسؤولين في دولة قطر على استعداد تام للقيام بمسؤولياتهم في هذا الخصوص، مُؤكداً أن الأهمّ من كل ذلك هو ليس القمّة وما يتمخّض عنها، وإنما مُتابعة نتائج القمّة على مدى عام كامل.

 

وردّاً على سؤال حول سُبل تطوير الجامعة العربيّة، قال الدكتور العربي إنه تمّ بحث هذا في مقرّ الأمانة العامة في يناير الماضي ويُنفذ جزء كبير منذ هذا الوقت، وكذلك منذ سبتمبر 2011 اتفق على تشكيل لجنة من الخبراء المُستقلين من عدّة دول عربيّة ممّن لهم خبرة طويلة ورؤية واجتمعوا وأنهوا عملهم بعد سنة وثلاثة أشهر وفي هذه الاثناء عقدوا اجتماعاً في سلطنة عمان وآخر في تونس، وبعد الانتهاء من هذا العمل تمّ تقديم توصيات اللجنة وبدأ تنفيذها، مُوضّحاً أن البعض الآخر من هذه التوصيات سيُعرض على القمّة المقبلة ووزراء الخارجيّة العرب وسيتمّ بحث كيفية تشكيل لجنة من الحكومات وكيف يمكن تفعيل هذه التوصيات.

 

وحول القضية الفلسطينية وعملية السلام، قال الدكتور العربي:"إننا نتكلم هنا عن أسلوب نجحت إسرائيل في جعلنا نتبناه طيلة عشرين عاماً بذكاء ودهاء وأن تفرضه على العالم العربي والمجتمع الدولي وهو إدارة نزاع".

 

وأضاف:"أنا لست مع مُصطلح عمليّة السلام، فهذه الكلمة لا أطيقها لأنها عمليّة وليست سلاماً إطلاقاً، فمنذ 17 نوفمبر الماضي قرّر وزراء الخارجية العرب بعد إعادة تقييم استغرقت أكثر من سنة وبمناسبة أن فلسطين حصلت على المركز القانوني لدولة بصفة مُراقب في الأمم المتحدة أنه يجب تغيير المسار، فالمسار الآن ليس البحث في عملية سلام وكيفية استئنافها لأنه لو استأنفت اليوم أو العام الماضي أو ستستأنف العام المقبل فلن تؤدّي إلى شيء بالطريقة القائمة".

 

وأكد:"ما نرغب فيه الآن هو أن يتقرّر الإطار العام لإنهاء النزاع وليس إدارته، وهذا يقتضي أن يكون الهدف مُحدّداً، بمعنى أن يكون العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربيّة المحتلة في إطار زمني مُحدّد، وهذا هو القرار الذي اتخذه وزراء الخارجيّة العرب في السابع عشر من نوفمبر الماضي وهو ما يتمّ بحثه الآن مع مختلف الدول.

 

مُوضّحاً أنه قد تحدّث مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً في هذا الموضوع ووجد منه تفهماً تاماً وقال إنه "سيردّ عليَ بشأنه قريباً".

 

وحول الأوراق التي يملكها الجانب العربي للضغط على إسرائيل في هذا الموضوع، قال إن الأوراق كثيرة ومنها أن المجموعة العربيّة والمجتمع الدولي بأسره لا يرغب في استمرار هذا النزاع إلى الأبد، خصوصاً بعد أن جاءت حكومة بنيامين نتنياهو المُتشدّدة اليمينيّة والتي تطرّفت أكثر واتخذت قرارات أكثر تشدّداً بحيث أن العالم الآن لا يقبل إلا بحلّ الدولتين.

 

وأضاف: لو نظرنا إلى هذا الموضوع نظرة تاريخيّة سنجد أنه منذ عام 1947، أي منذ قرار التقسيم، كان هذا إقرار واقع بأنه يجب أن تقوم هناك دولتان، واحدة فلسطينية وأخرى إسرائيلية في هذه المنطقة، وهذا تأكد مرّة أخرى من مجلس الأمن الدولي خلال السنوات العشر الماضية، وتبيّن للمجتمع الدولي بدون شك أنّ استمرار الوضع الحالي سيُؤدّي الى انتهاء فكرة الدولتين، بمعني أن إسرائيل ستكون دولة فيها أغلبية فلسطينية وفيها نوع من الفصل العنصري "الأبارتهيد" لا ترغب دول العالم سواء الصديقة لإسرائيل أو غير الصديقة لها أن يستمرّ هذا الموضوع، وهناك توجّه عام بأنه قد آن الوقت لأن ينتهي هذا الصراع.

 

وأكّد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربيّة في حواره مع وكالة الأنباء القطريّة على أهمّية الدخول مباشرة إلى أصل المشكلة الفلسطينية وعدم تضييع الوقت والبحث في مُعالجة مظاهر أخرى على الرغم من أهمّيتها القصوى كالمستوطنات والأسرى.

 

وقال إن المعالجة في مسألة بناء المستوطنات مثلاً أن نقول للإسرائيليين "اخرجوا من الأرض التي قمتم باحتلالها".. ونبّه إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 242 هو أصل العلاج حيث يدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو عام 1967، لافتاً إلى أنّ الشق الثاني من هذا القرار يتحدّث عن توفير الأمن للطرفين وليس لطرف واحد وهو التوجّه الآن "وقد كلفت بالتحدّث في هذا الموضوع مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وحدث ذلك وكانت جميع هذه الدول مُتحمّسة".

 

وبيّن بأن حلّ المشكلة الفلسطينية ليس فقط بمسكنات لمشكلة مزمنة أو بمعالجة أمور المستوطنات والأسرى، وإنما بانسحابها وخروجها الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وفق القرار الدولي 242.

 

وقال إنّ إسرائيل نفذت القرار 242 مع مصر بمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ونفذته فيما يتعلق بالأردن في اتفاقية وادي عربة عام 1994، كما نفذته جزئياً في 30 مايو 1974 عندما وقعت مع سوريا اتفاقية فضّ الاشتباك فانسحبت إسرائيل من بعض الأجزاء في الجولان، لكنها لا تزال تحتلّ أجزاء منها

 

وشدّد في سياق مُتصل على أنه بالنسبة لفلسطين لم تنفذ إسرائيل القرار 242 كما ينبغي، لكنها اخترعت أموراً كثيرة منها على سبيل المثال الكلام عن محادثات المرحلة النهائية حيث لا يعني ذلك شيئاً دون أن تنسحب، مُعتبراً وجود خداع في هذا الصدد نابع من مجلس الأمن والمجتمع الدولي أحياناً، حيث يتمّ الاكتفاء فقط بإدارة الصراع وليس بإنهائه.

 

وأكد أنه نتيجة للتطرّف المتزايد من جانب حكومة نتنياهو المتشدّدة فإن العالم كله وبالذات في أوروبا أصبح لا يطيق ما تفعله هذه الحكومة اليمينيّة المُتطرّفة.. قائلاً:"لأول مرّة أرى الأوروبيين يبعثون برلمانيين منهم يزورون الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والمُضربين عن الطعام في هذه السجون".

 

وتابع أن هناك أسرى فلسطينيين قضوا في سجون الاحتلال أكثر من 30 عاماً وعندما حدثت صفقة "شاليط" كان من بين المفرج عنهم أسير فلسطيني قضى في السجن 32 عاماً.. وقال في هذا الصدد إن نيلسون مانديلا الذي تحدّث عنه العالم كله، أصبح رئيساً لجمهورية جنوب أفريقيا بعد أن قضى 27 سنة في السجن.

 

وأضاف:"كنا مُقصّرين في أمور كثيرة وبطريقة ما لم يكن هناك تركيز على الأمور الهامة، وأحياناً عندما يرغب الشخص في مُعالجة أي قضية خاصة أو عامة يُدقق في أمور يمكن تكون هي اللافتة للنظر ويتناسى أموراً أخرى أهمّ.

 

وحول شبكة الأمان المالية التي قرّرتها لجنة مبادرة السلام لمساعدة السلطة الفلسطينية.. قال الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربيّة "إنه قرار اتخذ من قبل لجنة المبادرة والتزمت الدول به ويدفعونه بطريقتهم الخاصة".

 

وحول تقييمه للأزمة السورية بعد مرور أكثر من عامين عليها، قال الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربيّة إنها أكبر مشكلة على الضمير الإنساني ليس فقط في المنطقة العربيّة، ولكن في العالم كله الذي لا يتحمّل أن يموت هذا العدد كل يوم على يدّ نظام بشار الأسد.

 

وأضاف: تقرّر في البيان الختامي في جنيف في 30 يونيو من العام الماضي أن تبدأ مرحلة انتقالية بحيث يتغيّر النظام وتشكل حكومة ذات صلاحيّات كاملة وحتى الآن لم توفق الدول الكبرى في كيفية عمل ذلك، فهناك موقف روسي غير مقبول، وأعتقد أن الاتصالات التي تجري الآن بين روسيا وأمريكا وبين دول عربيّة والائتلاف الوطني السوري يمكن أن تؤدّي إلى شيء.

 

وحول موضوع تسليح المعارضة، قال إن هناك اتفاقاً دولياً الآن يزداد حول أهميّة وضرورة اتخاذ كل الخطوات اللازمة من أجل دعم المُعارضة والانتهاء من هذا الموضوع.. مؤكداً أنّ موقف الجامعة العربيّة من الأزمة السورية ثابت منذ ما يقرب من عامين وهو أنها مع الحلّ السياسي وليست لديها أي أفكار حول أي عمل عسكري في سوريا ولم يسبق لها التحدّث في هذا الموضوع بتاتاً.

 

وأشار إلى أنه حتى في الأزمة الليبية، فإن كل ما طلبته الجامعة العربيّة هو فرض حظر جوّي فقط ولم تطلب تدخل قوّات حلف الأطلسي وخلافه وذلك بغرض أهداف إنسانية لحماية الشعب الليبي.

 

وشدّد من جديد على أن كل ما تفكر فيه الجامعة العربيّة بالنسبة للموضوع السوري هو الحلّ السياسي، لافتاً إلى أن الجامعة طرحت على النظام السوري أكثر من حلّ ومبادرة لحلول سياسيّة لكنها رُفضت جميعها.. قائلاً إنه بالنسبة للموقف الحالي فهناك مبعوث مُشترك للأمم المتحدة والجامعة العربيّة هو الأخضر الإبراهيمي ويتمتع بخبرة كبيرة وطويلة جداً ومشهود لها في كل مكان.

 

ومضى إلى القول:"هناك بارقة أمل في أن كلاً من النظام والائتلاف الوطني المعارض تقدّم بمبادرة حول الحوار ونرجو أن تغتنم هذه الفرصة".

 

وحول ما إذا كان النظام السوري سيستجيب لما أطلقه من مُبادرة للحوار مع جميع فصائل المُعارضة بما فيها تلك التي تحمل السلاح، نبّه الدكتور العربي إلى أنه في جميع الحالات التي أطلقت فيها الجامعة العربيّة مبادرات للحلّ وحتى عندما أعلن النظام نفسه التزامه بوقف إطلاق النار لم يحدث ذلك.. قائلاً إنه بعد عامين من بدء الأزمة في سوريا فقد تمّ تدمير البلاد تماماً.. مُطالباً جميع أطراف الأزمة بالتفكير أكثر من مرّة عند رفض أي حلّ أو مُبادرة.

 

وبخصوص وجود تدخلات إقليمية فى الأزمة السورية، قال "ليس لدينا أي علاقات مباشرة مع النظام السوري للأسف الشديد على مدى عامين تقريباً، وأنا غالباً ما أقرأ مثل هذا الحديث في الصحف وغالباً يكون صحيحاً، لكنني لا أستطيع أن أقول بصحته من عدمه"..مُعرباً عن اعتقاده أنّ العالم العربي قد استيقظ بعد الربيع العربي ودرس الأمور بجدّية وبحكمة ووصل إلى هذه القرارات.

 

وردّاً على سؤال فيما يتعلق باتفاق الناس في دول الربيع العربي على التغيير وعدم قبولهم بما أفرزته الانتخابات، أجاب بقوله "إنّ المراحل الانتقالية في جميع دول العالم تأخذ وقتاً وتمرّ بصعوبات"، مُؤكداً أنّ الربيع العربي كان من أصعب هذه المراحل الانتقالية، مُتمنّياً أن يصل الجميع في العالم العربي إلى برّ الأمان.

الدوحة - قنا